الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب: من يريد تدمير تونس برجوع الارهابيين؟

نشر في  04 جانفي 2017  (10:20)

خلال الأسابيع الأخيرة قرأت عديد المواقف التي تشترك في الدّفاع عن فكرة رجوع الارهابيين الى تونس بتعلة انّهم «تونسيون» او انّ المجرمين مستعدّون للتوبة.. وأعتقد انّ كلّ سياسيّ منتم لحزب مدني، يدافع عن امكانية هذا «الرّجوع للبلد» خائن لتونس لأنّه سيساعد على عودة متطرّفين ظلاميين قتلوا ودمّروا وذبحوا، وممّا لا يرقى إليه شكّ، هو أنهم سيكونون خطرا على هذا لبلد ومستقبله..
وإذا اعتبرنا أنّ 50 ٪ من العائدين سيصبحون فجأة (وسبحان مغيّر الأحوال)  مواطنين صالحين يحترمون حقّ الاختلاف، فالثابت أنّ الخمسين  في المائة الآخرين سيعيثون في البلاد فسادا ودمارا وسيشنون حربا ضروسا على تونس وشعبها وأمنها واقتصادها واستقرارها النسبي وحقوق نسائها ومكاسبهنّ.. كما انّ ايّ حزب يدعي انه ديمقراطي ومدني  يدافع عن قانون التوبة هو خائن لبلاده وتاريخها ومستقبلها.. لنتصوّر انّ آلافا من الارهابيين سيعودون الى هذا الوطن وفي انتظارهم أسلحة في المخازن والمخابئ في كلّ الولايات، فماذا سيكون الثّمن الذي سيدفعه الجيش والحرس والأمن للقضاء على المجرمين؟ وما هو الدمار الذي سيلحق بالبلاد؟ وما هي انعكاسات هذه الحرب على اقتصاد تونس وصورتها في العالم؟ لن نجانب الحقيقة اذا قلنا انّ تونس ستصبح محضنة لداعش والقاعدة وكلاهما مسنود من دولتين خليجيتين ومن مجرمي ليبيا كما ستصبح بلادنا نقطة عبور للارهابيين نحو أوروبا! كيف يمكن للأحزاب التي تدعي الديمقراطية السماح بدخول جيش من الارهابيين يضمرون الشرّ لكلّ الذين يختلفون معهم في العقيدة، هل هم واثقون بأنّ قدوم ما بين 3000 و 6000 ارهابي خطيرين الى هذه الأرض لن يضرّ بها ولا بشعبها؟ لو قرروا التصويت لفائدة هذا الرّجوع لاعتبرناهم من أعداء البلاد، وإن انتفعت الحكومة التونسية بهبات مالية من بعض البلدان الغربية ستسمح لها ببناء سجون لإيواء الارهابيين المجرمين! تخيّلوا للحظات كيف يمكن السيطرة على سجن  به 500 أو 1000 ارهابي متمرّسين ومحترفين في الاجرام والعنف.

يجب ان نرفض ان تصبح تونس مجمع نفايات للارهابيين والمتشدّدين الذين ستطردهم أوروبا اتقاء لشرورهم.. وكيف يمكن قبولهم وأوروبا والولايات المتحدة التي لها امكانات ضخمة وأجهزة أمن عملاقة تسعى الى التخلّص منهم وتوريط بلادنا معهم؟
أما بالنسبة للأحزاب الدّينية أو «المدنية» المتشددة والمتطرف فانّ «نضالهم» من أجل رجوع جيش من الارهابيين ليس له أيّ مبرر سوى ارجاع طائفة ممن ساهمت في ارسالهم الى سوريا والعراق وليبيا أو اعتبارهم جيشا احتياطيا يمكن توظيفه عند الحاجة، وكلّنا نعلم انّ الاسلام السياسي المتشدّد ليس له ايّ مستقبل في البلاد العربية بعد كسر شوكته في مصر وسوريا والعراق وبعد تغيّر المواقف الغريبة وخاصّة فوز الرئيس الأمريكي «ترامب».. فعوض ان يغير «الاسلام السياسي»  نفسه فيندمج في الحداثة ويصبح مدافعا عن المبادئ الكونية والعلم والتجذّر في اسلام معتدل، مازال الإسلام السياسي مشروعا بدائيا ورجعيّا يهدف إلى أسلمة المسلمين واركاع الدولة المدنية والانتفاع من الإمساك بالسلطة، ومحاربة كل من يخالفه وان طوّر هذا الحزب العقائدي مؤخرا بعضا من مواقفه خوفا من الغرب وتجنّبا للاصطدام مع أغلبيّة التونسيين ونسائهم واتحاد الشغل والأمن والجيش غير المضمونين تماما! انّ أكبر مشكل النهضة هو ان هذا الحزب لم يطور نفسه فعليا حتى لو غيّر ـ نظريا ـ اهدافه واعتبر انه حزب مدني لكن يكفي ان نتحدّث عن رجوع الارهابيين او المساجد المارقة حتى يتخذ مواقف متشدّدة تتناقض مع قراراته ومواقفه الرسمية!
ثمّ لا يفوتنا الحديث عن الاعلاميين الذين يديرون بعض المنابر «الحوارية» ويحاورون «حلفاء» للارهابيين وهم بذلك يبيّضون الارهاب ويبرّئون ساحته من أجل احداث «البوز» وتضخيم نسبة المشاهدة أو لأنّ إدارتهم أو «أصدقاءهم» تربطهم علاقات بالمتشدّدين أو يخشون الأحزاب العقائديّة! هذه حقيقة مرة يجب الاصداع بها لأنّ اجزاء من قطاع الإعلام صارت في خدمة المتشدّدين نظرا الى الوضع المادي المزري والمتردّي الذي تمرّ به! إلى يومنا هذا لم تهتمّ رئاسة الحكومة بموضوع شفافيّة تمويل القنوات التلفزية وبعض الإذاعات، كما لم تتخذ اجراءات ايجابيّة لمساندة الصحافة المكتوبة والالكترونية رغم أنّ القطاع يعاني من وضع كارثي..
في الختام أقترح على اتحاد الشغل تنظيم مظاهرات شعبية ضخمة للتصدي لرجوع الارهابيين، فلا بدّ من جبهة قوية تعوّض تشتّت المبادرات، علما ان تونس بحاجة لتنسيقيّة تجمع كل القوى الديمقراطية والمنظمات بما أنّ أهمّ الأحزاب المدنية غير قادرة على التنسيق فيما بينهم!